غراب حاقد ككل الغربان، امتاز عن غيره بقلب أشد دكانة من ريشه. تآخى في سواد ليل مع بومة ترصد عينيها أسوار الوطن. أرقتهما رؤيا قُبَّرَة ترعى عشّها بحب وكبرياء. خفقا حقداً، خططا دماراً وانقضا كقدر ساطٍ على سكون القُبَّرَة ذات ليلة فيحاء، فمزق ضجيج حقدهم قيثارة وجودها. انقضا عليها في ليلة بيضاء فأضحت قاتمة سوداء. بعثروا عشها، فتتوا بيضها فسال الآح والمح من علياء يؤازرهما في سقوطهما ريش القبرة. سقط الجمع في العدم سواء.
سقطت من الأرحام كائنات لم تر النور لتعرف رحابة السماء. لم تتنفس الهواء لتدرك نعمة العطاء. وتخطّفتها مناقير الغربان قبل السكون الى الرحمن.
جزعت الام من المجزرة، من تمزّق فلذات قلب مبعثرة، فتملصت ببعض حياة من بين أغصان كانت وارفة إلى حدود غربتي كسيرة الجناح، على الحزن لاوية تطوي حكاية النكبة في سجلات وجودها.
قال السجل:
ثكلى تلك المرضعة التي لا تجد طفلاً يرضع حنينها.
منكوبة تلك النعجة التي بقرها ثور عند جثامين حملانها.
تعسة تلك الدوحة التي فقدت ظلها… بل بائس هو الشعب الذي تأكله ديدان الحقد، تنهشه أنياب الطائفية، تمزقه أظافر التقسيم.
مسكين ذاك الوطن يباع ويشترى كنعجة جرباء ليس لها أمل بالشفاء.
هكذا كتبت القُبَّرَة في سجلها بمنقارها المكسور عند حدود غربتي… اندست في ضميري تمحو أساطيري ليرتد الصدى إلى كثبان ضمير خائر بين طاغية وفاجر.
محمد إقبال حرب
هذه القصة تذكرني بقصيدة ذو الرمة ما بال عينيك منها الماء ينسكب … والفرق بين إقبال وذو الرمة هو الشعر والنثر والتشابه قوة السبك والحبكة والقضية … لوحات متناولة وإن اختلفت الأساليب فالهدف واحد … انعدام الإنسانية
إعجابLiked by 1 person
صديقي الكاتب والناقد القدير أيمن دراوشة
تسعدني هذه المقاربة التي على ما يبدو توحي بأن عصرينا مازالا يحملا نفس الهموم
محبتي وتقديري
إعجابإعجاب