الفكر عورة… فاحذروه

على المفكرين أخذ الحيطة والحذر والتستر قدر الإمكان فقد غدا الفكر عورة. وقد أقر المجتمع المستحمَر هذا القانون عرفاً وإن شاء الله ستتم قوننته قريباً. الفكر عورة ومن بانت عورته الفكرية أتهم بالفسق والزندقة فحق عليه القول وهدر دمه خوف انتشار الوباء. فالفكر هو عدو الحاكم والمستبد والسلفي والمسترزقين على أبواب الزعماء، القادرين على إصدار الحكم ضد أصحاب الفكر بالنفي والرجم أو القتل. استروا أنفسكم أيها المفكرون وغضوا من أقلامكم وحروفكم عمّن حولكم حتى لا تثيروا حميته فيرفع سوطه بوجه صوتكم فتكون ميتتكم ميتة مهينة ترفع من شأن الجاهل الذي طهّر المجتمع من قذارة أفكاركم ونجاسة قلمكم الذي استمد مداده من أنهار العلم والمعرفة ولوّث صفحة الجهل بنور الحقيقة. ألا تعلمون بأن المجتمع مصاب بحساسية مفرطة من المشتغلين بالعلم والفكر والحقوق الانسانية. ألا تعلمون بأن الطبقة الحاكمة لا يؤذيها إلا كاتب مسعور عضّه صاحب علم فرّ من محاكم التفتيش الجديدة، أو دخلت أفكاره خلسة إلى عقولنا النقية التي لم يتم استعمالها منذ زمن طويل. استروا عورات أفكاركم بنقاب السلف واستعينوا على ذلك بثمار الجهل المحصّنة برايات الطائفية والعنصرية وكونوا من خيرة المواطنين الخاضعين لسياسة الاستحمار. في هذا العصر كل ما ينفعك هو وسام استحمار. وأوسمة الاستحمار درجات فهناك وسام رجل الدين، ووسام زعران الحي ووسام تجار المخدرات … ولكن الوسام الأكبر هو حصولك على رضا زعيم الطائفة الذي يضمّك إلى لائحة مقربيه فيمن عليك بوسام مرافق يخوّلك أن “تتزعرن” كما تشاء. وأن تتحصل على مصروفك الشهري وان تظلل سيارتك وتستعرض عضلاتك دون خوف أو وجل فشهادة استحمارك تضعك فوق القانون وتحت غطاء الحاكم المقدس. لكن إياك ثم إياك الاقتراب من صاحب فكر أو قلم فهم من أصحاب العورات المشبوهة. إذا ابتليتم بالفكر فاستتروا وحصّنوا أنفسكم بمجالس السفهاء وانعموا بما يقدمه سيدكم من موائد تخلف وأوسمة فساد مباركة لتتخلصوا من آفات التقدم التحضاري التي تلهيكم عن تقديس الزعيمين الديني والدنيوي. نعم استتروا يا أهل الفكر وغضّوا من أقلامكم حتى لا تثيروا شهوة الجاهل فيفتعل بكم. محمد إقبال حرب

2 comments

اترك تعليقًا