
أحب الإرهاب حب المريد، وعشقه يسري في كياني بين وريد ووريد. ففيه وجدت ضالتي بعد ضياع أرَّقني بين الأصقاع، فانكشفت لي الحجب حتى نهلت من خيره قدر المستطاع. كيف لا أحبه وقد أهداني إلى ذاتي، وزرع الثقة في ملكاتي بعد هداية وإرشاد، أكرمني بها رب العباد من داعية أصلح أمري وكشف سر وجودي في مواجهة شرور البشر ممن ادَّعى الإيمان أو كفر، فأدركت أن سبيل الإرهاب هو طريق هذه الأمة إلى إعادة تاريخها المجيد وإحياء روح سلفها العتيد.
كيف لا أحب الإرهاب وقد استقبلني برحابة صدر، بعدما كرهني من حولي ووصمني بالفشل، وعدم الرغبة في العمل. بل دعوني مجرماً لأنني أستخدم قبضتي في فرض ما أراه حقاً تحت حجة جهلي بالدين، وقلة تحصيلي المدرسي. لكن شيخنا البصير بما وراء الحُجُب أدرك سر وجودي فأعاد لكينونتي مجدها وكيف يكمن السر في بطشها. علمني لذة قتل الكفرة وسفك دماء المرتدين، واغتصاب من يخالفنا في الدين، بل أجاز لي أكله إن استسغت طعمه. سبحت في ملكوت ما قال، وأدركت أنني مرسل من الله كي أعاقب من يخالف الشريعة تحت أي ذريعة. كما زاد شيخنا الجليل في دفعي إلى العلياء عندما أكد عظمة ذكوريتي التي حاول الغرب سلبها بدعوى التسامح والمساواة، وفند صلاحياتي دون مواربة في القتل المباح، بل فتح لي أبواب سعادة لم يكتشفها أحد من قبل. لذة تعذيب الآخرين الذين لا يستجيب رب العالمين لنباح استغاثتهم لعلمه بنجاستهم، لذة تبعث في ذاتي نشوة مطلقة فأقتل واستبيح في سبيل الله دون حرج. لذة تشعرني بأنني أعظم من كل البشر وبأنني مختار كي أقرر أقدارهم فأحيي من أشاء وأجز رقبة من أريد تحت ألف سبب وسبب تتفتق عنه عبقريتي. لَسَماع أصوات الاستغاثة ممن اعتقدوا يوماً بأنهم أعظم مني شأنا، لحنٌ يثير الإعجاب. والأهم من ذلك أنه قد أعاد لرجولتي كبرياءها، فاغتصِب نساء المرتدين والكفرة مطمئن الضمير، لعلمي بأن الله بصير بعظمة جهادي. ونظراً لجهدي في تقويم البشر وسهري على أقدار الأمة أفتاني إمامي بجواز شرب الخمر حتى لا أموت من القهر، فتخسر الأمة رجلاً عظيماً مثلي لا يحرك ساكناً حتى عندما يجز رقبة والده. لا، لن يصيبني حرج من احتساء الخمور، لأنها مجلبة للنصر كما هي حبوب الهلوسة التي تأخذني إلى عالم آخر فوق البشر فأنحر نحر هذا وأجز رقبة ذاك مكبراً لنصر عظيم.
أحب الإرهاب بكل أنواعه، فقتل الناس قربة إلى الله جهاد عظيم، وتعذيبهم تراتيل تعيد إلى ذاتي النقاء؛ لأنها تخرج أصوات الشياطين من أجسام الملوثين بحضارة الغرب وشياطينها. كيف لا أحبه وقد علمتني مدارس الفقه والشريعة الحصرية بجماعتي بأن الجميع كفرة إلا من رحم ربي وأهداه إلى الجماعة. ومن كفر يستحق العذاب والموت على الأرض قبل السماء، لنُعجِّل له حسابه فيتعظ الكفرة الباقون ويسلموننا أمرهم. لا لست غبياً حتى أصدق كل مدَّعٍ فلدي نظرة ثاقبة ترشدني إلى المنافقين. فقط أشير بالبنان إلى من شككت بأمره فيُقبِّل قدمي طالباً المغفرة حتى لا أقتله أو أقطعه أشلاء، فيحن إليه قلبي واستجيب إلى رغبته راحماً. أربطه إلى عمود ثم أفجره أو أحرقه حتى لا أكون قاسياً. وإذا ما كانت سبية جميلة اغتصبها أولاً، حتى تصل ربها وهي زانية فيحرقها بدوره. لا أنا لست بزان لأنني أطبق شريعة الله بزيادة سيئاتهم وتكديس حسنات في ميزاني.
أحب الإرهاب لأنني لست بشراً، لأنني حيوان مستعر، لأنني تخليت عن ضميري وألغيت مشاعري حتى أتفرغ لكراهية البشر الذين يتغنون بالكفر والفن والجمال وألحان الغانيات. هكذا علمني أمير الجماعة الذي قدمت له الولاء والطاعة حتى يضمن لي في الجنة مكانا يعج بحور العين وعلى الأرض رفيف من السبايا.
أحب الإرهاب لأنني تخليت عن إنسانيتي البغيضة التي اعتبرتني فاشلاً أرتاد بؤر الفساد. نعم كنت فاشلاً منحطاً كما قالوا عني لأنني لا أعمل ولأنني عالة على المجتمع أسرق حيناً وأنهب أحياناً. كيف أعمل مع الفجَّار وأتعامل مع الكفَّار مع أن سرقتهم مباحة وقتلهم يجلب للنفس الراحة. لا لست نصيراً للشيطان حتى لو التقينا ببعض النواحي، فمشكلة الشيطان تقمع في جبنه حيث يوسوس ولا يفعل، يلقي النظريات جزافاً وينتظر أن يستجيب له بشر. أما نحن فلا نتكلم ولا نوسوس، بل نفكر ونخطط وننفذ دون الاكتراث لمعايير البشر والشيطان، فنحن من طينة سامية خُلقت لتصلح أمور الدنيا وترفع راية الإسلام الحنيف الذي لا يعرفه غيرنا. ها أنا أفخر في رسالتي الاسلامية التي تزرع الرعب في الغريب والقريب وتزيل آفات الكذب التي تقول بأن الاسلام معناه السلام فالإسلام الحقيقي يعني الرعب والموت لكل من لا يستسلم لقواعد الإرهاب
محمد إقبال حرب