قانونياً… أنت تستحق النكاح

العالم قائم على أسس تمنحنا البقاء أحياء كالماء والهواء والطعام. وتمنحنا غريزة واحدة للاستمرارية، ألا وهي غريزة النكاح. جعل الخالق الأصلاب والأرحام في كائنين مختلفين. نحن لا ندرِي سر الحكمة من اقتسام غريزة البقاء في كائنين مختلفين. لكننا نستطيع التخمين ما شئنا دون الوصول إلى نتيجة. وليضمن الخالق استمرارية الجنس البشري جعل الغرائز الجنسية أقوى الغرائز وأقواها هيمنة في الطرفين. 

من هنا نجد أن كل جنسين من أجناس المخلوقات يتزاوجان لاستمراية النوع، مثلنا تمامًا. لكن عندما نسبر حقيقة وجودنا على كوكب الأرض كبشر نجد مخلوقا آخر يشبهنا تمامًا، ويشاركنا وجودنا شراكة تامّة، ويتصرف عكس حقيقة وجودنا. ففي سياق التطور الطبيعي حدثت طفرة لم تكن في الحسبان. اتخذت غريزة هذا الكائن الجنسية منحى آخر، فتحولت من وسيلة تكاثرية وترفيهية إلى استبداد ووحشية في فكر سادي مطلق. ٍلكن الوضع الغريب والمريب دفعنا للغوص في كينونته والبحث في ماهيته التي أوصلتنا إلى حقائق صادمة. فرغم الشبه التام ببني البشر يخفي في طياته كائناً طفيلياً يتمتع بميزات تنفي عنه صفة البشرية والإنسانية في آن. لقد حاز على ميزة التخفي والتنكر ببراعة مكنته من امتصاص واستحواذ الكينونة البشرية بقدرات تجاوزت نهم المجهريات الطفيلية. إذ تمكن من امتصاص بشريتنا ببطء عبر الزمن حتى تمكن وباءه أن يتحول إلى كارثة أعظم من وباء الطفيليات التي تفتك بالجسد دون الفكر.

الغريب هو أن هذا النوع الذكوري بامتياز يماثل ديوك الدجاج رغم بشريته. فالديك الاحد يشفي رغبات مئات الفراريج دون كلل أو امتعاض. كذلك نجد المتحول أو السادي الذي يتمسك عادة بأعلى الهرم الاجتماعي وما تلاه من رموز اجتماعية، يتمختر كالديك الصيّاح الذي يستعرض قواه الجنسية على الدجاج والفراريج والصيصان دون تفرقة أو تمييز. وهذا ما يفعله المتحولون حالما يحكمون قبضتهم على الحكم لتتم لهم السيطرة التامة. المشكلة الوحيدة التي تواجههم ليست بمقاومة البشر لهم بل بوصول أكثر من سادي إلى سدة الحكم فيتبارزون في حروب أهلية عبر الرعاع حتى يُنقر أحدهم نقرًا بيّنًا، ويُنتف ريشه حتى الموت. يستولي بعدها الطاغية الأكبر على مقدرات البلاد ويستمتع فريدا بغرائز البقاء المتعددة الأشكال، تلك التي يتميز بها هذا الكائن الطفيلي الغريب الأطوار. ذاك الذي لا يشبع أبداً من لذة النكاح والطعام دون الاكتراث بالمصدر والنوعية. 

 وفي حالات فريدة كما حصل ويحصل في لبنان يزداد عدد الديوك الطفيلية في طفرة فريدة لا تجدي معها مبارزة المناقير. لذلك تتم محاولات التسوية خارج نطاق الوطن حيث يستضيفهم طفيلي خبير في مدرسة سادية خارج سيادة أي من أصحاب المناقير الملوثة ببقايا الشعب. كانت المفاوضات صعبة شرسة بين أفراد هذه الزمرة الطفيلية الشرسة فكل منهم يريد الاستحواذ حتى على ابن جلدته. فالطفيلي لا يبقي شاردة أو واردة إلا ويلتهمها، ولا يجد طريقاً لاستمرارية نوعه إلا واقتحمها نكاحاً وافتراسا. لم يرضَ أي من المتبارين أن يفوز غيره بالعرض الأكبر فيرتفع عرفه أكثر مما يجدر به كونهم متساوين في الحقارة والدناءة والخبرة في امتصاص دماء الضحايا بعد الافتعال بها كيفما راق لهم. فلقد استمتعوا بسبايا الوطن الذين ظفروا بهم بعدما فازوا على بني البشر الذين ضحوا بحياتهم من أجلهم دون أن يتساءلوا إن كانت حياتهم تستحق فنائهم. لكن من أين لهم أن يخمنوا بأن الأخ الأكبر طفيلي سادي لا يهمه من الدنيا إلا اشباع رغباته بأنواعها دون التقيد بقانون إنساني أو إلهي، فمعدته وذكوريته تستنزفان الجنس والطعام من أي مكان وأي كائن. اتفق جمع ديوك الطفرة على تقسيم الوطن مزارع يتولاها سادي مخضرم تحمل شعارًا دينيًا، طائفيًا يميزها عن غيرها. كل سادي يتولى نكاح أبناء طائفته كما يرى ويختار دون اعتراض أو فيتو من مجلس المزارع أجاز لكل ديك أن يستمتع بمنكحه الطائفي كيفا شاء. وأجاز استعانة ديوك المجلس ببعضهم البعض في لحظة وهن.

 تطوُر هذا الجنس الغريب بهذا الشكل المريب أحاله إلى جنس سادي استنبط نوعاً جديداً من النكاح إضافة إلى ما هو معروف. لم يعد يعتمد على ما هو متعارف عليه في المجتمع البشري وما جاء في قواميس اللغة من معانٍ لكلمة وفعل النكاح، بل تعداه إلى نكاح الشعب وكل ذي روح بطرق مستنبطة لم يتعلمها ابليس عندما حاز على شهادة الفسق ونال مرتبة سيد الغاوين. لقد استنبط هذا المتحول أساليب تسمح له بنكاح الشعب زرافاتاً ووحدانا دون جهد يذكر بطرق مستنبطة من فكر مدمر لا يأبه بدساتير إلهية أو إنسانية لأنه يعتقد بأن جنسه هو الأسمى. لقد استنبط نكاح لقمة العيش حتى الموت الشعب جوعًا. واستنبط نكاح العزة والكرامة حتى الاذلال. أدوات وسبل الحياة اليومية كالماء والكهرباء والتعليم لم تنجُ من غريزته، بل وصل الأمر إلى حقن الشعب بقمامته حتى عشقها تحت طائلة المذلة. لكن المضحك المبكي هو أن المواطن “الإنسان” يدفع الثمن بحب وسخاء، عكس المومس التي تتخذ أجرًا بعد كل إنجاز أنكحي. 

لذلك يتوجب على كل مواطن أن يدير مؤخرته لديكه، أعني زعيمه دون اعتراض متلقياً نطفته لعلها تكون البذرة المطلوبة لإفراز ديك يرث مقومات الديك الحالي بأمواله وأفراده أبناء الحرملك والسلاملك على حد سواء.  

لا تغضب من الرمزية أخي المواطن فقد تم تشريع حكم ملوك الطوائف بما يجيز لديك الطائفة الأكبر أن يفعل بك ما يشاء ومتى شاء.  

لذلك، اصمت واكشف عورتك، فأنت قانونيًا تستحق النكاح.

محمد إقبال حرب

7 comments

  1. أجدت في بحثك العلمي – البيولوجي هذا وفي ربطه بما طرأ حديثاً على الوضع اللبناني ولم يزل يتواصل حتى اللحظة الراهنة بشكل متصاعد في ظل تكالب “الديكة”على أمجاد فارغة. وذكرتني بقصيدة الراحل الكبير نزار قباني “الديك” رحمه الله…أطيب تحياتي وتمنياتي لك بمزيد الألق والرفعة
    محمود كعوش

    Liked by 1 person

    1. أضحت الديكة ذئابا لا تخاف طلاب الحراسة التي أصبحت نعاجاً تنتظر سكين الجزار في أعياد الأضاحي التي يقيمها ملوك الطوائف ألف مرة في اليوم.
      دمت حراً أخي وأستاذي القدير الأستاذ محمود كعوش.

      إعجاب

  2. الله اكبر .. الله اكبر .. تصوير رائع و مقنع و يتماشي مع ما يحدث علي ارض الواقع و الغريب تتقبل تلك الكائنات البشرية ان يتم نكاحهم من ملك الطائفة المستبد دون اعتراض..و العجيب ايضا تلذذهم و توددهم لذلك المستبد بطرق رخيصة و مشمئذة كانهم جاهزين لكي ينكح او ينكل بهم في كل مكان و في اي زمان

    Liked by 1 person

    1. د.فياض العالم القدير والمفكر الكبير
      ما أتعس بلادنا التي كانت منارة حضارية وقد أصبحت بلاداً طاردة لكل جميل. أصبح الحاكم إلها يتجمل بآيات الله فيما يخفي سكينه في قلب مملوء بالحقد والكراهية والسادية التي يتلذذ من خلالها بالنكاح والشراهة وأصوات المعذبين بسعادة الفناء.
      دمت حراً أبياً.

      إعجاب

  3. بورك إبداعك مقال أكثر من رائع قرأته بتمعن وأنهيته وعاودت قرأته مرات عده فتلك الحروف كنايه عن نسيج كلمات بشكل مبدع إتحدت مع بعضها وشكلة مقال هو واقع بقلم مبدع

    Liked by 1 person

اترك تعليقًا