“رؤية نقدية في رواية “الحقيقة

رؤية نقدية في رواية -الحقيقة- للكاتب الروائي اللبناني – محمد إقبال حرب – . بقلم:الأستاذ رائد مهدي / العراق

((ألحقيقة عبر منظار الأدب..إضاءة على المفهوم))

رؤية نقدية في رواية -الحقيقة- للكاتب الروائي اللبناني – محمد إقبال حرب – .

بقلم: رائد مهدي / العراق

قبل البداية :
رغم أن لكل زمان حقيقة لكن ذلك لم يمنع من وجود من يحتكرونها لصالحهم ولا يتورعون عن إحراق العالم من أجل نشرها وإرغام الجميع على الإذعان بصحة وجودها.
الحقيقة الدينية الى الآن لم تتجرد من العنف، والحقيقة العلمية مفتقرة على الدوام لمن يضيف إليها، الحقيقة الأدبية وحدها لاتعرف التطرف لأنها لاتنبع من عقائد ولا تلزم نفسها لقوانين علمية كي لايستعبدها العلم ولا تخضع لحدوده.
الحقيقة الأدبية متحررة من كل القيود، ولذلك هي أصدق الحقائق.
– رائد مهدي –

تقديم للرواية برؤية نقدية:
مما لايختلف عليه أولئك المولعون بالبحث والتقصي والتحقق أن الحقيقة تكون متسلّطة عندما يضاء عليها في مساحة دينية، وتكون مجردة عندما يضاء عليها في مساحة علمية، وتكون طيّعة ليّنة مرهفة حينما يضاء عليها في مساحة أدبية.
لن يفوتني القول بأن الحقيقة إن هي إلاّ رواية ترد من فم نبي أو ذهن عالِم أو خيال أديب.
الفم: لاينطق إلا بلسان قومه ولا يُشَكّل مباني حقيقته بغير ماهو شائع الإستخدام لدى قومه من مألوف الكلمات لذا تكون الحقيقة الصادرة عنه بسيطة للغاية ومغلقة من جميع الجوانب وتكون حقيقة أنانية محضة .
بينما الذهن: يعمل على جمع متفرقات يمكن الربط بينها والوصول الى شيء من الحقيقة ولذلك تكون الحقيقة العلمية مفتوحة دائمة وتترك مجالا لكل من يرغب ألإضافة عليها أو تكميلها والتحديث فيها .
وبينما الخيال: من طبيعته أن يعمل بحرية تامة لذا نجده توّاقاً لإخضاع الحقيقة لأذرع تصوراته وصياغتها بقوالب متجددة بمقاسات كل عصر لذا تكون الحقيقة التي يُشَكّلها الخيال حقيقة مرنة تخلو من التزمت، وبمقاسات إنسانية بحتة وتستمد مشروعيتها من رؤية الإنسان ومغزى أثرها على حياته وفي وجوده، لذا كانت الحقيقة التي يُقَدّمها الأديب هي من أرفع الحقائق وأشدّها انفتاحا ورحابة وبملامح تحمل الدهشة ومصحوبة بالإثارة والتشويق والإغراء في مواصلة التتابع والاستقصاء.
لقد أنصف ألأديب الروائي (محمد إقبال حرب) الحقيقة حين اتخذ منها عنوانا لروايته ليقودنا من خلال ذلك العنوان الى مدخل يؤدي بنا الى مساحة من الواقع يُسلّط عليها الأديب كشافه فيكشف وجه الحقيقة ويُعرّي منها مايعتقده وجهاً لها ويحبك اجزاءها بمهارة ويُشكّل منها موضوعا أدبيا ويجعل منها تركيبا ابداعيا واختراعا نافعا يعود على المتلقي بتصور واستنتاج يقود الى الإرتقاء ويسعى لتهذيب الذائقة وصقل الإستجابة الإنسانية التي بدورها تقود الى اللطف وعدم الإحتكاك الفظّ والتصادم الفج مع كل حقيقية تخالف مألوفاتنا وتتعارض مع توقعاتنا وافتراضاتنا.
لقد أعلن الروائي محمد إقبال حرب وعبر روايته الحقيقة بأنه باحث متمرس عن الحقيقة بمنظار أدبي يعمل تحت الضوء وفي وضح نهارات العقل، يطلق العنان لإحساسه فيختبر مايعود به إليه وهو يحتك بما هو خارج المألوف ويطلق أفراس الخيال من لجامها لتجول في حرية مطلقة وتشكّل عبر جولاتها معالم وآثار واضحة لحقيقة آثارها ونقوشها تماثل حروف لكلمات دوّنتها أنامل الأديب رواية مكتملة العناصر، تحتوي من الإثارة والتشويق للإطلاع على الحقيقة في منظار أدبي وعبر حدقات الأديب ومن خلال كشّاف موهبتة المضيء من إنسانيته.
الجميع في شوق دائم الى الحقيقة لاسيما تلك التي يصوغها المبدعون ويضيؤون عليها من إنسانيتهم بكل محبة وإخلاص كي ما تكون الحقيقة بحجمها ولايبخسون حق طالبها في تقديم ماهو هام منها وماهو في تماس مع وجوده منها .
وقتا طيبا وممتعا أتمناه للجميع في مطالعة هذا الكتاب القيّم والرواية التي تحمل في طيّاتها حقيقة تستحق ألإمتداد في جذرها الإبداعي والإيغال في جسد الحاضر، وجديرة للإرتقاء وملامسة شرفات المستقبل لقادم الأجيال .

 Share Tweet  Share

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s