العنكم جميعاً ولست أفضل منكم، ألعن الفجار والاحرار على حد سواء. ألعن الكبير والصغير، الرئيس والغفير وما بينهما من جمع غفير. العنني والعنكم لعنة فناء من حيث آل بنا المصير. مصيرنا أدنى من الحضيض، أمم مشرذمة تكره بعضها بعضاً. أمة كاذبة جاحدة يعتريها الجبن والهوان. بل يعتريها عشق الذلة. الفقير لا يشتكي إلا في سره، الجائع لا يثور إلا على أسرته وصاحب القيد يتباهى بسطوة سيده والمتشرد ينتظر الموت بشوق الفناء في أمة متفرقة يلعن بعضها بعضاً، يكيدون لبعضهم كيداً. يستوردون الرصاص والمؤامرات دون خجل. يتذابحون، يتلاعنون بفرح النصر شامتين ببعضهم بعضاً تحت راية أحاديث ابتدعوها. يسبون بعضهم بعضاً بوقاحة العواهر، يقطعون الأشلاء ثم يكبرون… يصلون
على أجساد السبايا يحتفلون. أمة أضحت مقدساتها مهزلة وشعوبها تتسول وطناً تحت القتل والقصف في دروب المذلة عند أبواب أمم نعتوها بالكافرة.
تباً لهذه الأمة التي تعيش في عصر قضى ومضى لأربعة عشر قرناً من زمن التاريخ المزيف والصحيح على حد سواء.
تباً لأمة أسيادها أراذلها، مواطنيها عبيد يصفقون لأي سيد جديد. يدّعون الإيمان ولا يخافون ربهم بل يخافون أسيادهم وكأنهم لا يعرفون يوم الوعيد.
امة تتباهي بماضيها كالمتسول الذي يخبرك عن أجداده العظماء وهو يعيش في بلاء، لفظته الحياة ولعنته السماء.
محمد إقبال حرب