آلهة حقيقية .. وأخرى مزيفة – رائد مهدي

قراءة نقدية في نص “إلهة الأرض والقمر” قدمها الأستاذ الناقد رائد مهدي  من العراق
(آلهة حقيقية..وأخرى مْزَيّفة)

لقد زيّف الناس آلِهتهم مثلما زيّفو التاريخ والجغرافية وعلوم الحياة والطبيعة، فكان للناس آلهة يعبدونها بألسنتهم يحيطونها بما جادت عقولهم من قناعات ومبان طوبائية من أفكار كونكريتية جاهزة، وكانت لهم آلهة أخرى يعبدونها بجدية أكبر وأشمل فتعرفها غرائزهم دون الحاجة للأدلة العقلية وتميل اليها مشاعرهم دون الحاجة لمن يبرر لهم أهميتها، فكانت هناك آلهة حقيقية يتبعها الإنسان وتستهويه بسرعة تسبق تنظيرات العقل ويأتي قرار مدركات الإنسان متأخرا عنها .
لا شك أن إلهة الأرض والقمر ستتخذ من شكل المرأة مظهرا ومن الأنوثة رسالة للفتنة والولادة والزرع والخصب ومضمون ذلك المظهر هو تقديس الأنثى في الحياة وتمجيد دورها فيها لذا لاغرابة حين كانت ردة فعل الذكور أزاء ذلك أن كانت جميع النبوات منهم وجميع الملائكة بأسماء المذكر بل تعدى الأمر ذلك حتى صار الإله المعبود بأسماء المذكر ولايوجد بين اسمائه اسم مؤنث .
لقد كانت المرأة عند الرومان والإغريق وعرب ماقبل الإسلام تحمل اسم إلهة في السماء وكانت ربة للقمر لذا أتحفظ على من يقول بأن عرب ماقبل الإسلام كانوا يئدون البنات لأنه من غير المنطقي أن تكون تلك الحقبة توأد بها البنات في الوقت الذي يطلقون على إحدى أشهر آلهتهم وربّاتهم إسم مناة .
لقد أنصف عرب ماقبل الاسلام المرأة وكانت شريكة للآلهة بينما اليوم أضحت عورة وعلى هامش الحياة .
لقد جرّد الأعراب المرأة وسلبوا حقها في السماء وكذا على الأرض، لقد كانت المرأة قبل خمسة عشر قرنا إلهة وأحالها الأعراب اليوم الى عورة وتفاهة .
ومنذ غدت الحياة ذكورية بامتياز كانت الفوضى سيدة المشهد بعد أن أقصيت السيدة الحقيقية واستبدلت بشرائع من ورق وهياكل طوبائية من حجر .
ألأديب محمد أقبال حرب وإنصافا منه لدور المرأة في الحياة وتقديسا منه لحق تلك الكائنة من أبناء بني جنسه كان قلمه يعيد رسم خريطة سرقها غزاة الفكر والعقل وغيروا المسميات بها فوأدوا كل مؤنث ورفعوا كل مذكّر، جاءت إنسانية الكاتب لتعيد الأمور لنصابها وتصحح المسارات بدء بالإبداع الأدبي وحتى تحرير الذهن العربي من كل جور لايمكنه أن يسود إلا تحت الظلام .

رائد مهدي / العراق

النص

https://mudawinaty.net/2018/02/23/%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B1/

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s