بعد موجة الحماس في عصر الانتكاس العربي أخذتني أفكاري في جولة حول ما حدث بعد قرار الرئيس الأميريكي تضامنه مع
. قرار صهيوني صدر منذ نصف قرن ضمَّ العدو من خلاله مدينة القدس عاصمة له. واعترف ترامب بالقدس عاصمة للعدو
.”يا للسماء لم يخش َ ترامب زلزلة السماء وكثرة اللعن والدعاء عليه وعلى والديه ومن “لفَّ لفَّهم
.لم يكترث أن يصيبه رذاذ عملٍ شيطاني عمل عليه ملوك ورؤساء الجان العرب في جلسات تحضير العفاريت
خمسون عاماً والقدس مصادرة كعاصمة للكيان الصهيوني ولم يفعل أي رئيس عربي أو إسلامي أي شيء يذكر. قال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بأنه استقبل كثير من الزعماء العرب ولم يتناقش معه أي منهم في القضية الفلسطينية… استغرب كارتر واستهجن العرب استغرابه
. خمسون عاماً والعرب يتقاتلون فيما بينهم بالاسلحة والمؤمرات والشتائم… وفلسطين وقدسها يعانيان من التهويد والقتل وبناء المستوطنات
خمسون عاماً مرت والقتل العربي للعربي مستمر، دُمِّرت خلاله دول كثيرة وهتكت عواصم خالدة، من الصومال المنسية إلى العراق وسوريا وليبيا واليمن ناهيك عن لبنان. وأضحى نصف عدد لاجئي العالم عربانا يبحثون عن مأوى ولقمة عيش تحت دثار الإنسانية.
صحيح أن شخصية ترامب مثيرة للجدل كونه غير لائق كرئيس جمهورية ومجنون في تصرفاته، لكنه مع ذلك يفعل ما يقول خاصة بما يخص الشعوب الضعيفة. وهل هناك أوهى من الدول العربية؟ صرح ترامب مرات ومرات عن نواياه حلب الابقار الخليجية على حد تعبيره ونقل السفارة الأمريكية للقدس بعد اعترافه بشرعية ضمها إلى الكيان الصهيوني. لم يتحرك أي رئيس أو ملك عربي بأي اعتراض خطي أو فعلي حتى الآن.
حلب الابقار ونال التصفيق والترحيب في جو حافل بالمذلة والتفرقة دون اعتراض يذكر.
وقبل اعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بأيام تم تسريب الخبر بتحديد يوم الأربعاء في السادس من كانون الأول موعداً
لذلك. كان ذلك بالون اختبار ليرى ردود فعل الشارع العربي لأنه ضمِن موافقة الزعماء العرب مسبقاً
لم يتحرك الشارع العربي، ولم تصدح المظاهرات أمام السفارات، لم تصب المصالح بأضرار بل توافد الجميع على المقاهي بسيارات اميريكية، لاستهلاك منتجات أمريكية بشراهة تجاوزت غضبهم على قرار ترامب. عاد الجميع إلى منازلهم وخمدوا.
وأعلن ترامب اعترافه بيهودية القدس وتفاجأ العرب!!! وكأنهم لم يسمعوا تصريحاته منذ حملاته الانتخابية، ولا تسريبه الخبر قبل أسبوع.
يا إلهي كيف فعل ترامب فعلته بعدما أكل الكبسة في ديار العربان.
كيف تجرأ على العرب بعدما أحبوا ابنته وزوجته… وحتى زوج ابنته.
يا إلهي كيف لم يهتم بعدالة القضية التي قتلها زعماء العرب بهدوء؟
ارتفعت وتيرة الشتائم وتكفير ترامب اللعين، وتسارع عربان الفايس والنت داعين إلى الصلاة وقراءة القرآن كي يلهم الله ترامب أن يتراجع “كرمال عيون العرب” عن قراره الغير عادل.
نام العرب مكسوري الخاطر، وعندما برز فجر اليوم التالي تذكروا موعدهم الاسبوعي مع “يا هلا بالخميس” فقرروا التظاهر والحزن يوم الجمعة أو بعد العطلة الأسبوعية.
كذلك نامت أميركا واسرائيل بإطمئنان، لم تزعجهم تظاهرات الرعاع المتواضعة ولا التصريحات الخجولة للدول العربية، لم يتأثروا بالتكبير وأجراس الكنائس ولم تطلق صفارات الإنذار خوفاً من ردة الفعل العربي.
نام العالم… صحا العالم وكأن شيء لم يحدث. والعرب يتريثون في كيفية الرد حتى مات الخجل خنقاً بعد مواقف الغرب “الكافر” كفرنسا والشرق المجنون “كوريا الشمالية”، مواقف استهجنها الزعماء العرب لأنها أضاءت على ضعفهم وكذبهم وربما تواطئهم مع ترامب الذي لا يمكن أن يتخذ هكذا قرار قبل مباركة أصدقائه من الخليج إلى المحيط.
كلام… جعجعة… واستهزاء بشخص الرئيس الاميركي الذي لم يكثرث البتة.
ليت العرب يدركون بأنهم شعب لا يهتم به أحد لأنه خارج الصلاحية الانسانية، فمن لا يقاوم عدوه بضراوة دفاعاً عن حقه لا يحترمه الناس، ومن ينم ووطنه مسلوب لا يستحق التقدير، ومن تسلب مقدساته وهو يدَّعي الإيمان يعتبره العالم منافقاً لا يأمنوا له
كفاكم كذباً ورياء باسم فلسطين وباسم القدس والإسلام والعروبة
كفاكم تبجحاً بأمجاد كان آخرها منذ ألف سنة
كفاكم تبجحاً وأنتم مستعبدون منذ ذلك التاريخ… أفيقوا من سباتكم وانهضوا من كبوتكم واعلموا بأن العالم لا يحترم العبيد الخانعين
المحكومين من ناخسي الأوطان
محمد إقبال حرب