موضوع يهم كل أسرة للمحافظة على بصر سليم قبل فوات الأوان
العين الكسولة حالة من ضعف النظر تنشأ في وقت مبكر من العمر خلال سنوات الطفولة، مما يتسبب في ضعف إحدى العينين أو الاثنين معاً. تتراوح حدة الضعف بين الكسل الشديد الذي يعتبر “عمى قانوني” الى شيء لا يذكر. والعمى القانوني حسب جمعية طب العيون الأمريكية هو ٢٠/٢٠٠ او ٦/٦٠. والمقصود بالعمى القانوني هو عدم القدرة على الرؤيا بما يمكن الشخص من القيام بأعماله اليومية بطريقة سليمة مع النظارة او بدونها. لذلك يجدر بنا تجنب هذه الحالة قدر الامكان.
نعم يمكن تجنبها.
نحن نتعلم الرؤية منذ نعومة أظفارنا كما نتعلم الكلام والمشي وغيره. لكن نظام تعلم الرؤيا في الدماغ يتوقف في سن السابعة أو قريباً منه. وبذلك يكون النظر الذي اكتسبناه حتى سن السابعة هو المرافق لنا طيلة الحياة معظم الأحيان. ولذلك يجب علينا أخذ هذه الفترة بعين الاعتبار لتكوين نظر سليم قدر الامكان قبل سن السابعة.
وظيفة العين هي نقل الصور إلى الدماغ الذي يحللها تماماً كما تفعل الكاميرا بنقل الصورة إلى جهاز الكومبيوتر بإشارات تسمى “بيكسل”. بعد نقل الصورة من كل عين في وقت واحد إلى الدماغ يتم تحليلهما لتكوين صورة واحدة. وحيث اننا نملك عينين اثنتين فإن الدماغ يدمج الصورتين المرسلتين إليه لنرى صورة واحدة. ولكن عندما لا يتمكن الدماغ من دمج الصورتين بسبب تفاوتهما تبدأ المشكلة.
لماذا وكيف؟
عندما يكون لدى الطفل ضعف نظر منذ الولادة في العينين أو عين واحدة تصل الصور من كل عين مغايرة للأخرى بأشكال متفاوتة الحجم والوضوح فيتشوش الدماغ. وكي يحل الدماغ تلك الاشكالية فإنه يلغي إحدى الصورتين ويعتمد الصورة الأوضح. وحيث أن العين الأخرى تتوقف عن الاتصال بالدماغ كما يجب فإنها تنحرف عن مجاراة رفيقتها بالحركة معظم الاحيان وينتج عن ذلك الحول. وبذلك تصبح تلك العين غير متوافقة مع الدماغ ولا يتطور فيها البصر كما يتطور في العين الأخرى. وقد أطلق المختصون على تلك العين اسم “عين كسولة”. لذلك فإن أول بوادر الحول عند الطفل تكون ايذاناً بخطر يهدد النظر نتيجة تطور الحالة إلى ما يسمى كسلاً. والعين الكسولة التي لا يتم العناية بها قبل سن السابعة ستبقى ضعيفة البصر مدى العمر. لذلك ندق ناقوس الخطر.
طبعاً ليست كل حالات الحول سبب في العين الكسولة فهنالك الحول الكاذب الذي يتلاشى مع الأيام، وليست كل حالات الضعف حتى الشديد منها يسبب حولاً. لذلك يجب الكشف على كل الاطفال من قبل طبيب عيون مختص في وقت مبكر وقبل سن السابعة حيث انه الوحيد القادر على التشخيص وتحديد سلامة البصر من عدمه. وفي حالة زيارة الطبيب سيتم الكشف على البصر كما قاع العين للتأكد من سلامتها والكشف عما اذا كان هنالك ضعف بصر أم لا أو إذا مان كان الحول بسبب ضعف البصر أو في توازن عمل عضلات العين. ويمكن للطبيب أو الاختصاصي بضعف النظر أن يقيس ضعف النظر حتى في المواليد الجدد لذلك يجب عدم إيجاد عذر بأن الطفل صغير ولا يتكلم أو لا يتجاوب.
إن الكشف المبكر للأِطفال ضرورة حتمية حتى نتلافى العين الكسولة التي لا يفيد معها العلاج بعد سن السابعة معظم الأحيان. وبما أنه توجد حالات كثيرة من ضعف النظر لا تتصاحب مع حول في العينين فإن ذلك يؤخر اكتشاف الحالة. إن مشكلة العين الكسولة التي قد تتسبب في خسارة جزء كبير من البصر يمكن تداركها في زيارة لطبيب العيون في سن مبكرة لكل طفل، أي قبل الخامسة من العمر. إذ قد يضطر الطبيب لاتخاذ اجراءات إضافية لضمان تحسن البصر، من وصف نظرة طبية إلى تغطية إحدى العينين أو غير ذلك.
ومن المهم جداً الايضاح والدعوة في هذا المجال على ضرورة انشاء برامج لفحص البصر روتينياً كما هو مطبق في الدول المتقدمة حيث يخضع كل الأطفال من سن الثالثة إلى فحص نظر من قبل أطباء مختصين أو من قبل اخصائيين في البصريات للتحقق من القدرة البصرية لكل عين على حدة والكشف المبكر عن سوء أي انكسار أول حول قد يؤذي العين ويؤدي إلى ضعف دائم في القدرة البصرية عند الطفل. وعلى الجهات الصحية المختصة في أنحاء العالم خاصة عالمنا العربي العمل بجدية لتطبيق هذه البرامج واعطاء الأطفال أفضل فرصة ممكنة للحفاظ على سلامة الجهاز البصري.