الـعِلَّة

كان يحلم دائماً باقتناء أجمل وأسرع سيارة رياضية في العالم. كان يبحث بين كنوز الشبكة العنكبوتية عن السيارة التي تمكنه من التحكم بالطرقات وتتصدر كل شوارع المدينة والجبل. كان يحلم بأن “يصطاد” فاتنة ساحرة ويطير بها إلى حيث يشاء على متن سيارته  فالصبايا تجذبهن السيارات الرياضية الفارهة أكثر من رجولة الشباب.

بعدما جمع مبلغاً لا بأس به من المال ودفع عربون استلامها عاد إلى منزله واستلقى على كرسيه المفضل مستسلماً لأحلام اليقظة. ها هو في سيارته الرياضية الحمراء يتوقف لغادة جميلة تنثر عبق مفاتنها في جهة راقية من المدينة لتنعم برفاهية أهلها. أوقف سيارته وأشار لها فلم تتردد للحظة بركوب سيارة رياضية فارهة يقودها شاب وسيم كما يرى نفسه خاصة وأن لباسه على أحدث طراز… لن يعلم أحد بأنه اشترى هندامه بالتقسيط والسيارة بالتقسيط وبأنه قد استلف قوت ذاك اليوم. المهم بأنه يمتلك سيارة رياضية ساحرة ستنهب شوارع البلد دون تريث. تسارعت الأحلام، كما تسارعت النساء التي رسمها في خياله وهو ينتشي فرحاً كونه سيحقق هذه الأحلام يوم غد. نعم غداً سيستلم السيارة.

استلم السيارة، دار فيها أنحاء المدينة، تاهت عنه فكرة الفاتنات ليروي شوق مهارته في القيادة كما يعتقد. اتجه ناحية الجبل وأطلق العنان لمحبوبته الحديدية البراقة كي يصل إلى أعلى نقطة في الجبل. كانت هناك سيارة أقل جودة وأقدم عمراً من سيارته التي ولدت لتوها تسابقه، حاول جاهداً أن يتجاوزها فلم يقدر، كاد أن يتسبب في عدة حوادث دون جدوى.

نام غاضباً، لاعناً شاكياً واستيقظ متوتراً فعاد إلى سيارته وانطلق إلى طريق الساحل متفحصاً قدرة سيارته. أخذ يستفز بعض السائقين الشبان لسباقه حتى وجد من يسابقه. بعد عناء وتركيز شديدين فشل في تجاوز تلك السيارة القديمة كما سماها. لم يتحمل الإهانة فتوجه إلى الشركة التي باعته السيارة ودخل صارخاً غاضباً: أنتم شركة لا تحترم نفسها، أنتم غشاشون!! تقولون بأن سيارتكم أقوى وأفضل سيارة، لكنني وجدتها هراء. يجب أن استعيد ثمنها.
اقترب منه الذي باعه السيارة فشتمه. امتص البائع غضبه مستفسراً فقال له الشاب: لقد قرأت بأن هذه السيارة أفضل وأقوى سيارة في السوق. وقلتم بأن عدد أحصنتها يتجاوز كل ما في السوق. ولكنني وجدت بأن السيارات التي تقاس قوتها بقوة الحمير قد سبقتني.
تكلم معه البائع لفترة وعلم نوع السيارات التي سبقته وصمت.

أصر الشاب على معرفة سبب الغش التجاري. فقال له البائع: بعد التمحيص فيما قلت أؤكد لك بأن سيارتك أفضل بكثير من السيارات التي ذكرت حتى ولو كانت جديدة. لا مجال للمقارنة.

انتفض الشاب صارخاً: إذن ما العلَّة في سيارتي.

قال البائع: العلّة ليست في السيارة بل في السائق

محمد إقبال حرب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s