عند أقدام بعير

طريق بلا رصيف  أسيره مجبراً، أدفُّ عربة حياتي بعدما هجرني حماري. لا ألومه فالحمولة زائدة، كراكيب جمعتها من ترهات الأيام، بقايا ذكريات صدئة، صور خبت ألوانها فباتت مسخاً، شموع فقدت فتيلها وتلاشى عبقها أحملها على شمعدان قدسته ملكاتي قبل الرحيل. امتطت ظهر الحمار ذات يوم كنت أمارس رتابتي بقدسية عدم الاكتراث ورحلت بعدما فاض كيلها من رتابة حياتي.
أي رتابة يتساءلون؟
هل تمسُّكي بخارطة طريق قديمة رتابة؟
هل مفتاح جدي الذي أعلقه قلادة عَلى رقبتي رتابة؟
هل بحثي عن عمدان خيمتي لنصب خباء شتاتي رتابة؟
من سرقه؟
من سرق عامود السنديان؟ من أحرق البستان؟
من أقنع الحمار بالتخلي عني فأثار قضية.
أي قضية أسأل نفسي؟
أقضية رحيل الحمار قضيتي؟ أم من أقنع الحمار بالرحيل قضية؟
بل هل نسيت قضية وجودي حتى أصبحت قضية حمار هجرني؟
لا يهم، فالطريق بلا رصيف يعج بعربات الحياة، يقذفني العابرون ببقايهم، تمطرني عرباتهم بروث خيولهم وحميرهم فيما هم ينظرون الى الأفق البعيد. كنت لذات يوم قريب أسعد بجمع روثها لأجففه واتدفأ عليه في فصول شتائي الطويلة. فأنا لا أجيد شيئاً، توارثت الاتكالية وانتظار بقايا الأسد لأقتات ما يسد رمق وجودي. كم حلمت أن أصبح أسداً ذات يوم لكن والدي قَص أظافري خوفاً من أن أخدشه يوماً. جمعت روث الخيل والبهائم لدهر لم ينته بعد، لكن رائحتي أصبحت نتنة، تكدست غربتي بروث العابرين حتى قرفتني ملكاتي وأستاء حماري فرحلوا.
من أقنع الآخر بالرحيل حماري أم ملكاتي؟
لا أدري، فلقد أصبحت خيالاً خاوياً حتى زفتني الحقيقة بانعدام مشاعري فهلل غبائي فرحاً.
حاولت الرحيل إلى وجهة ما لكن اثقالي كثيرة وبوصلتي لا تعرف وجهات الحياة  كما أن كياني أصبح مشتتاً بين رحيل ورحيل لا يعرف، بل لا يدرك المصير. خارطة وجودي تحللت تحت روث الخيول العابرة ومع ذلك اعتز بأنها .

معي، كالحمار يحمل أسفارا. أصبحت حملاً ثقيلاً كما ذكرياتي التي أقدسها قداسة الماضي فمحوت حاضري في سبيل  الإخلاص لمن لا أعرف، من زمن لا أذكره عند طريق بلا رصيف إلى وطن سليب هجره النسيان فركن في الوجدان.  درب الحياة بلا رصفان، قالها عابر سبيل

.سألته لماذا؟ أريد أن أجمع شتات ذاتي وأرتوي من جداول وطن طالما حلمت به
.ضحك كثيراً، بكى أكثر وسار مردداً: من جمع شتاته عند أقدام بعير فقد لذة تقرير المصير

محمد إقبال حرب

2 comments

  1. حقيقه يااخى الحبيب محمد فعلا لا تعليق لاننا كلنا فى بلادها ذلك الرجل احنا مااحنا الا اشباه عايشه على فتات الغير وكمان مستكترين علينا الفتات ونازلين فينا سلخ انا بجد تبعت من التفكير لم يوصلنى الى اى شىء الا لسواد قاتم جدا من افعال البشر من حريتنا المنقوصه او بالاصح من سجن افكارنا واحساسنا الجلاد منتظر الاذن بالجلد ونحن اصبحنا نخاف حتى من كلمه حق تقال لان السجون كترت اكتر من المدارس مش عارفه لامتى حنظل فى هذا الوقت وكله مرهون باصبع الحاكم فلتسأل الحاكم اذن لما فعل بنا كل هذا ولما امر الحمار بالرحيل ولما ولما ولما اسئله كثيره تفطر القلب حقيقى

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s